ترد على أبي لهب عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، حيث قال للرسول صلى الله عليه وآله وسلم: تبّاً لك ألهذا دعوتنا بعد أن أنذر قريش في قوله (... فإني نذيرٌ لكم بين يدي عذاب شديد)، كما أنها تخبر أنه سيدخل النار وزوجته أم جميل عمة معاوية وأخت أبي سفيان التي كانت تعادي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وتضع الأشواك في طريقه من أجل أن تؤذيه.
في فضيلة قراءة هذه السورة :
عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من قرأها رجوت أن لا يجمع الله بينه وبين أبي لهب في دار واحد.
وعن الصادق عليه السلام: من قرأها على المغص سكنه الله وأزاله, ومن قرأها في فراشه كان في حفظ الله وأمانه.
تبت يدا أبي لهب وتب :
التبت هو الخسران والهلاك أو الخسران المستمر، وقال البعض هو القطع والبتر، والآية دعاء عليه بهلاك نفسه وبطلان ما كان يأتيه من الأعمال لإخفاء نور النبوة.
وقيل اسمه أبي لهب بن عبد العزيز بن عبد مناف، وذكرت الآية كنيته لا اسمه تهكّماً به لأن كنيته تنسبه إلى لهب النار كما يقال أبو الفضل وأبو الخير لمن هو صاحب الخير والفضل.
وقال بعض المفسرين إن اليد وسيلة للعمل والنشاط والكسب، وبدونها ليس أحد قادرا على العمل, فهي كناية عن نفس الشخص.
ما أغنى عنه ماله وما كسب :
حيث ابتلى بالخسران الأبدي والشقاوة الدائمة التي أدخلته النار, و(ما) الأولى نافية و(ما) الثانية موصولة، والمعنى للآية لم يدفع عنه ماله ولا عمله -أو أثر عمله- تباب نفسه ويده الذي كتب عليه ودعا عليه.
ومن هذه الآية نفهم أنه كان ثرياً وذا مال ينفقه في معاداة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومحاربته، وهذا مصير كل من يحارب الله ورسوله من الكافرين والمشركين، فلا أموالهم ولا مقامهم الاجتماعي ومكانتهم تنجيهم من عذاب الله وناره.
سيصلى ناراً ذات لهب :
أي سيدخل ناراً ذات لهب وهي نار جهنم الخالدة وسيعذب فيها.
وامرأته حمالة الحطب :
الواو عطف على ضمير الفاعل المستكن في (سيصلى) أي ستصلى حمالة الحطب ناراً ذات لهب فيكون مصيرها ومصير أبي لهب هو دخول النار.
وسبب تسميتها بحمالة الحطب في ذلك أقوال:
1-لأنها كانت تأخذ الحطب المملوء بالشوك وتضعه على طريق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لتؤذيه بذلك.
2-كناية عن النميمة وهذا معنى مجازى فإنها كانت نمّامة على رسول الله.
3-كناية عن شدة البخل فهي مع كثرة ثروتها أبت أن تساعد الفقراء.
4-أنها في الآخرة تحمل أوزاراً ثقيلة على ظهرها.
في جيدها حبل من مسد :
الجيد: هو الرقبة وجمعه أجياد. وقال بعض اللغويين: الجيد والعنق والرقبة لها معنى واحد مع تفاوت هو أن الجيد أعلى الصدر, والعنق القسم الخلفي من الرقبة, والرقبة لجميعها. وقد يسمى الإنسان بها كقوله تعالى: (فك رقبه) أي فك الإنسان وإطلاق سراحه.
المسد: حبل مفتول من الليف أو من الايف، وقيل: حبل يوضع على رقبتها في جهنم, له خشونة الألياف وحرارة النار وثقل الحديد.
قال العلامة الطباطبائى في الميزان:
والظاهر أن المراد بالآيتين أنها ستتمثل في النار التي تصلاها في هيئتها التي كانت تتلبس بها في الدنيا، وهي أنها كانت تحمل أغصان الشوك وغيرها تطرحها بالليل في طريق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتؤذيه بذلك، فتعذب بالنار وهي تحمل الحطب وفي جيدها حبل من مسد